❗خاص❗ ❗️sadawilaya❗
فتحي الذاري
مع إعادة انتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تعود السياسات الحمائية والنفوذ الاقتصادي الأمريكي إلى المقدمة، حيث يُعتبر فرض اتاوات جمركية جديدة على دول مجموعة "بريكس" (البرازيل، روسيا، الهند، الصين، وجنوب إفريقيا) من أبرز القرارات الاستراتيجية التي يسعى من خلالها لتأمين مكانة الولايات المتحدة على الساحة الدولية. يؤكد هذا القرار بشكل كبير التحولات الجيوسياسية التي تمر بها الساحة العالمية، واكتساب هذه الدول وعيًا أكبر بمحاولات القوى الغربية لتفكيك تحالفاتها وزعزعة استقرارها.
تسعى الدول الغربية، بقيادة الولايات المتحدة، إلى تقويض التحالف الناشئ بين دول "بريكس" عبر فرض عقوبات وضغوط اقتصادية تتسم بالحد من استقلاليتها. تتزايد الأبحاث حول كيفية تحصين هذه الدول ضد محاولات تفكيك وحدتها من خلال تعزيز قنوات التعاون فيما بينها، والتقليل من الاعتماد على الاقتصاد الغربي بنقل المعاملات إلى عملات محلية أو حديثة، مما يمثل تحركًا نحو تحقيق استقلالية مالية أكبر.
حيث تشير الأوضاع الحالية إلى تزايد الاستياء من الإملاءات والعقوبات التي تفرضها القوى الغربية كوسيلة لفرض السيطرة والنفوذهذه السياسات تؤدي إلى تعزيز مشاعر القومية الاقتصادية في دول "بريكس"، حيث تزداد الرغبة في البحث عن بدائل تنموية واستثمارية محلية بدلاً من الاعتماد على الأساليب التقليدية المرتبطة بالنظام الغربي. وتبنت الدول الأعضاء مواقف أكثر تماسكًا في مواجهة الضغوط، حيث أصبح التعاون فيما بينها مسارًا رئيسيًا لاستدامة النمو الاقتصادي.
يرتبط قرار إعادة تصنيف كوبا كدولة راعية للإرهاب بشكل وثيق مع الاستراتيجيات الأمريكية لأنه يؤكد توجهاً لزيادة الضغوط السياسية والاقتصادية على الدول التي تسعى إلى إقامة علاقات صداقة مع هافانا. يعتبر هذا القرار محط جدل واسع، حيث يؤكد على كيفية استغلال السياسة الخارجية الأمريكية كأداة لتفكيك وتعزيز التوترات بين الدول. تشعر دول البريكس بالأثر المتزايد لهذا القرار، مما يدفعها لتعزيز تعاونها فيما بينها للحد من التأثير الأمريكي.
تتجه الأنظار نحو مزيد من التعاون بين دول الجنوب لمواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية هذه. تشير المؤشرات إلى أن الدول الأعضاء في "بريكس" ستسعى لتعزيز الروابط التجارية وتعميق شراكاتها الاستراتيجية، مما يقود إلى نشر نماذج اقتصادية أكثر تنوعًا واستدامة. تتجه دول مثل الهند والصين إلى استكشاف الأسواق الجديدة، مما يؤكد رغبة متزايدة في تقليل الاعتماد على الاقتصاد الأمريكي(الدولار ) .
ولا تقتصر تداعيات السياسات الأمريكية على مجموعة "بريكس" فحسب، بل تمتد أيضًا إلى منطقة الشرق الأوسط وأوروبا.زيادة الرسوم الجمركية ستحمل تأثيرات سلبية كبيرة على التجارة العالمية، مما يؤدي إلى تباطؤ في معدلات النمو الاقتصادي في مختلف المناطق. هذا التباطؤ يؤكد بدوره زيادة في مستويات الفقر والبطالة في الأوساط الاقتصادية المتضررة، مما يضع ضغوطًا اجتماعية وسياسية على الحكومات الأوروبية والعربية.تواجه المجموعة الأوروبية تحديات كبيرة لتعزيز مكانتها الاقتصادية، وبينما تسعى الدول العربية إلى مواجهة هذه الأوضاع، تبرز أمامها خيارات التلاحم العربي والإسلامي المشترك كخيار استراتيجي. هذا التعاون يمكن أن يوفر لها قاعدة اقتصادية أكثر استدامة ومرونة لمواجهة السياسات الحمائية التي تنتهجها الإدارة الأمريكية. في ظل هذه الأوضاع، تعد خيارات التعاون الإقليمي ضرورة ملحة لتعزيز الاستقرار والنمو.
تظل الأبعاد القابضة لفرض الاتاوات الجمركية على دول "بريكس" محورًا مركزيًا لتسليط الضوء على تحول العلاقات الدولية. إن تزايد الوعي والاحتجاج من قبل هذه الدول ضد الهيمنة الغربية قد يدفعها نحو مزيد من التعاون وتعزيز مرونتها الاقتصادية. يجب على دول الجنوب أن تعزز استراتيجياتها للتعاون والتكامل، كما يجب أن تكون مستعدة لمواجهة المزيد من التحديات على الساحة العالمية. إن الأيام المقبلة قد تحمل في طياتها مزيدًا من الاضطرابات ولكن أيضًا فرصًا جديدة لتعزيز العلاقات بين الدول بعيدا عن السياسة الترامبية .